منذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل التي تعرف باسم اتفاقية كامب ديفد عام 1979 في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، انتهجت الحكومات المصرية المتعاقبة سياسة دعم وتعزيز قواتها الأمنية الداخلية للحفاظ على الأمن والنظام مقابل تحجيم أو تقليص نفوذ المؤسسة العسكرية التي قادت ما يعرف باسم ثورة يوليو/تموز عام 1952.
وكان اغتيال الرئيس السادات عام 1981 سببا مباشرا في تطوير ودعم قوى الأمن التابعة لوزارة الداخلية في إطار المساعي لعدم استخدام الجيش في التصدي للأحداث والاضطرابات الداخلية.
هذا التوجه جعل من قوات الأمن الداخلي عاملا أساسيا في حكم البلاد على جميع المستويات وعلى نحو أبعد الجيش نوعا ما عن القدرة على التأثير، ولكن ليس إلى الحد الذي كانت تطمح إليه القوى السياسية الحاكمة المتمثلة في الحزب الوطني الحاكم وأنصار الرئيس حسني مبارك. وتخضع جميع القوى الأمنية بما فيها الجيش لأوامر رئيس الجمهورية.
قوات الأمن الداخلي
ويقصد بها القوات الأمنية التي تتبع لوزارة الداخلية مباشرة وهي مباحث أمن الدولة، وقوات الأمن المركزي، والشرطة، مع الإشارة إلى أن المخابرات المصرية العامة كجهاز أمني فاعل داخليا يخضع لأوامر رئيس الجمهورية وليس لوزارة الداخلية، كما تتمتع القوات المسلحة بجهازها الأمني الخاص متمثلا بالشرطة العسكرية وجهاز المخابرات العسكرية.
قوات الأمن المركزي
تعرف بأنها الذارع الأمنية القوية للحكومة وأكبرها عددها حيث يقدر عدد منتسبيها بأكثر من 325 ألف عنصر-أكبر من القوات المسلحة- يضاف إليها حسن العتاد والتجهيز.
تتولى هذه القوات مهام التصدي للمظاهرات والاضطرابات الأمنية الداخلية وحراسة المرافق العامة والفنادق والمواقع الإستراتيجية مثل محطات الطاقة الكهربائية والمياه.
يعود قرار تأسيس قوات الأمن المركزي إلى العام 1966 للقيام بمهام خاصة في إطار الشرطة على شاكلة القوات شبه النظامية التي تعرف في فرنسا باسم الجندرما بغية تفادي وضع الجيش في مصادمات داخلية.
ومع توقيع اتفاقية السلام مع مصر عام 1979 التي حددت عدد وانتشار القوات المسلحة المصرية في شرقي سيناء المتاخمة مباشرة للحدود مع إسرائيل ضمن ما عرفتها الاتفاقية باسم المنطقة (سي)، عهدت إلى قوات الأمن المركزي هذه المهمة كونها قوات ذات تسليح خفيف محمولة برا.
وهذا ما دفع بالنظام إلى زيادة عديد هذه القوات ليصل إلى مائة ألف وتحديدا مع تولي حسني مبارك لمنصب الرئيس خلفا للرئيس أنور السادات الذي اغتيل عام 1981 أثناء مشاهدته عرضا عسكريا بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر/تشرين الأول.
ولا يخفى على أحد أن دعم هذه القوات كان يخفي هدفا آخر وهو موازنة النفوذ السياسي الكبير للمؤسسة العسكرية بيد أن الأحداث اللاحقة أثبتت فشل هذه المساعي.