استعرض تقرير نشرته مجلة ''فورين بوليسي'' الأمريكية في عددها الصادر أمس تحت عنوان ''أخطاء مبارك التسع الكبرى''، أبعاد ''السياسيات غير المدروسة'' للرئيس المصري وتداعياتها الداخلية على الثورة الشعبية التي تعيشها البلاد· ويقول التقرير إن مبارك بدفاعه عن سجله وقوله إنه سيموت على ثرى مصر، أعطى إشارة إلى أنه لن يحذو حذو الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بالهروب بطريقة مخزية إلى المنفى فور ذلك تقريبا·
وأكد التقرير أن أخطاء مبارك هي إخفاقه في توزيع ثروة الاقتصاد المصري الذي نما بقدر محترم، لكن معظم المصريين لا يشعرون بأنهم حصلوا على نصيبهم العادل من تلك الثروة، وبدلا من ذلك كانوا يشاهدون رجال الأعمال الأثرياء يقيمون صلات وروابط مع الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ويسرقون ثروات وخيرات البلاد· أما الخطأ الثاني فهو سماحه بانتشار الفساد ليتغلغل في الحياة المصرية وهو ما جعل من المستحيل على أي كان في البلاد تحقيق حياة نزيهة، حيث لا يمكن إنجاز أي شيء بدون تقديم رشوة أو بالواسطة واستشراء الاختلاس· وثالثا، غياب الرؤية، فمهما يقال عن سلفيه جمال عبد الناصر وأنور السادات، فإنهما كانا يعرفان إلى أين يقودان بلدهما وكانت لديهما خطة للوصول لهدفهما· ورابعا، إصلاحات فاترة أدت إلى تزايد شكوك المصريين وهم على حق في ذلك بشأن مساعي الإصلاح الحكومية المتكررة التي تميزها وترافقها دعاية غير مقنعة، فهم عندما يسمعون كلمة الإصلاح يتطلعون إلى الموجود مثل التعديل الدستوري الذي يحول دون ترشح مستقل للمنافسة على منصب الرئيس· وخامسا، إعداد جمال إن كان هناك شيء يتفق عليه كل المصريين، فهو أنهم لا يريدون أن يحكمهم جمال مبارك البريطاني الثقافة· وسادسا، سوء تقييم قدرة الناشطين، وسابعا، المبالغة في الخداع، فخلال الحملات الانتخابية البرلمانية في الثلاثين سنة الماضية، سمح مبارك بحصول أحزاب المعارضة على أعداد رمزية من المقاعد البرلمانية، لكن في انتخابات ,2010 زور الحزب الوطني الانتخابات بطريقة خارجة على السيطرة وترك حفنة فقط من المقاعد لحزب الوفد المتعاون، في حين لم يحصل الإخوان المسلمون على نصيب من المقاعد البرلمانية· وثامنا، إرسال ''البلطجية''، فبعد اختفاء قوات الشرطة بطريقة غامضة، كانت هناك تقارير عن عصابات تقوم بالسلب والنهب· وتخلص المجلة أخيرا إلى أن مبارك أدخل في خطأ آخر المقربين منه والمحسوبين رغم خطابه الذي تعهد فيه بإدخال إصلاحات سياسية واقتصادية كثيرة دون أن يحددها، فعين رئيس مخابراته عمر سليمان ليكون نائبه، وحل حكومته وعين جنرالا متقاعدا من سلاح الجو رئيسا للحكومة، إلا أن زعماء المعارضة والمحللين اعتبروا ذلك دليلا على حماية المصالح والحفاظ عليها كالعادة·